كلّنا نعرف الشّعور بالخوف من الظّلام أو الحيوانات الخطرة، ولكنّ الصّغار يخافون أحيانًا من أمورٍ لا تبدو لنا مخيفة. يقترح الكتاب الحوار مع الطّفل عن مشاعر الخوف الطّبيعيّة حتى يفهمها ويكتسب أدواتٍ عمليّة لمواجهتها، ممّا يتيح له أن ينمّي ثقته بنفسه وبقدراته على التّعامل مع المشاعر الصّعبة.
الخوف شعورٌ مُلازم لنا كالفرح، والحزن، والغضب، وغيرها من المشاعر الإنسانيّة، سواء كنّا كبارًا أم صغارًا. والأطفال يشعرون بالخوف في العديد من المواقف، مثل: الانفصال عنّا، أو دخول إطار تربويّ جديد، أو البقاء وحيدين في العتمة، أو رؤية كائنات مثل العناكب وغيرها. هناك العديد من الأطفال الّذين يسبّب لهم خيالهم الخصب الخوف من أمور تبدو لنا- نحن الكبار- غير منطقيّة، فنحاول أن نلغي خوفهم.
من المهم أن نعطي شرعيّة لخوف طفلنا ونُبدي تفهّمًا له، حتّى لو بدا لنا عديم السّبب؛ فخوفه حقيقيّ، وهو يلتجئ إلينا طالبًا الشّعور بالأمان. يمكننا أن نطمئنه بالحديث معه عن أنّنا جميعًا نخاف من أمور مختلفة، وأنّ الخوف ليس معيبًا. يمكن أن نسانده بالتّحادث معه حول ما يثير خوفه، والتّفكير معه بطرقٍ عمليّة تمكّنه من تخفيف حدّة خوفه.
من ناحية أخرى، تقلّ مخاوف الطّفل إذا ما اكتسب ثقةً بنفسه، وشعر بأنّ أهله يقدّرونه ويحبّونه. إنّ قضاء وقتٍ مميّز مع طفلنا، ومشاركته ألعابه، وقراءة كتاب معه، والإصغاء إليه والحوار معه، يساعده على اكتشاف قدراته والسّعي إلى تطويرها، ممّا يساعده في التّعامل مع مشاعر صعبة، مثل: الخوف، والغضب والحزن، والغيرة، وغيرها.
نتحادث مع طفلنا حول أمورٍ تسبّب له الخوف. نشجّعه على الحديث حول كلّ أمرٍ: ما الّذي يخيفه تحديدًا، وماذا يشعر في جسمه لحظتها؟
يختلف النّاس في ردود فعلهم الجسمانيّة في مواقف الخوف، فبعضهم يصبح عصبيًّا، ويعرق ويشعر بالحرّ، وآخر تنشلّ حركته، وقد يشعر بالبرد. قد يساعد أن نشارك طفلنا بأمور تشعرنا نحن أيضًا بالخوف، وما نحسّه في تلك اللّحظة في أجسامنا.
ماذا يمكن أن يخفّف من حدّة خوفنا في كلّ موقف؟ نفكّر سويًّا في طرقٍ عمليّة تناسب قدرات طفلنا، مثل طلب النّجدة، أو التّنفّس عميقًا، أو التّوجّه إلى شخصٍ يثق به.
أحيانًا كثيرة، حين نجسّد مصدر خوفنا، نشعر بأنّنا نسيطر عليه فتخفّ حدّة وقعه علينا. يمكن أن نشجّع طفلنا على رسم ما يخيفه، أو على تشكيله بالمعجونة.
مقابل أن يتحدّث الطّفل عمّا يخيفه ويرسمه، من المفيد أن نشجّعه على التّفكير بقائمة من الأمور/الأشخاص/ الأشياء الّتي تمنحه شعورًا بالطّمأنينة، ورسمها. إنّ رؤية هاتين القائمتين تسانده في شعوره بمقدرته الذّاتية على تخفيف مخاوفه.
تحدّثي مع الأطفال حول ما يثير خوفهم في البيت، وفي الشّارع، وفي الرّوضة، وفي الأماكن العامّة. يمكن أن تحضّري “سلّم الخوف” من ثلاث درجات باستخدام لونٍ ما، بحيث تشير درجة اللّون الفاتح إلى أمر يخيف الطّفل قليلًا، ودرجة اللّون الأغمق إلى أمر يخيف الطّفل أكثر، والدّرجة الثّالثة الغامقة اللّون إلى أمر يخيف الطّفل كثيرًا. شجّعي الأطفال على الحديث عن مخاوفهم وتدريجها.
قد ترغبين بمشاركة الأطفال بعض مخاوفك لكي تطمئنيهم بأنّ الخوف شعورٌ طبيعيّ يحسّ به الكبار والصّغار.
بعض الأطفال يستصعبون الحديث عن مخاوفهم. يمكن أن تشجّعيهم على رسمها، ممّا يسهّل عليهم الحديث عنها في مجموعاتٍ صغيرة.
شجّعي الأطفال على الحديث عمّا يشعرون بأجسامهم حين يخافون، موضّحة الاختلافات في مظاهر الخوف على النّاس.
ماذا نفعل عندما نخاف؟ تحدّثي مع الأطفال في مجموعات صغيرة حول طرقهم في مواجهة مخاوفهم. من المهمّ جدًّا أن تُصغي إلى كلّ طفل، وألّا تقولي له ما عليه أن يفعل، وإنّما أن تشجّعيه على التّفكير بسلوكٍ يعطيه شعورًا بالأمان حين يخاف.
الدّراما أداة ممتازة للمساعدة في التّعامل مع المشاعر الصّعبة، فهي تتيح للطّفل أن يفهم مشاعره على نحوٍ أعمق، وأن يفرّغها. يمكن أن تؤلّفي مع الأطفال مشهدًا تمثيليًّا بسيطًا عن طفل يخاف من أمرٍ ما، وكيف تعامل معه.
يمكن أن تقرإي مع الأطفال قصّة ” افرضي” الّتي وزّعت في إطار مكتبة الفانوس قبل أربع سنوات، وهي تتناول موضوع الكوابيس الّتي تحلم بها الطّفلة، والطّريقة الجميلة الّتي ساندتها فيها أمّها.
تمارين اليوغا والخيال الموجّه المناسبة للأطفال هي أداة ممتازة لمساعدة الأطفال القلقين في التّعامل مع قلقهم والتّخفيف منه. يمكنك أن تعدّي لقاءً مع الأهل وأطفالهم للتّدرّب على بعض هذه التّمارين.
المربّية العزيزة! مع بداية العام الدّراسيّ، قد يُواجه الأطفالُ صُعوبةً في التّأقلُم مع البيئة الجديدة، إنَّ قراءة القصص للأطفال بشكلٍ يوميّ، ممتع وجذّاب، تُساهمُ في تأقلُمهم، لذا نذكّركِ بضرورة الحرص على أجواء المتعة واللعب، ودعم تأقلُم الأطفال عاطفيًّا واجتماعيًّا، وعدم الإثقال عليهم بجوّ تعليميّ مباشر.
في الكتاب:
النصّ يتيح حواراتٍ عن المشاعر والانفعالات المختلفة، وعن انعكاسها على الملامح والتعابير الجسدية.
في المنهج:
أطفال 5-6 سنوات
“يستعملون جملًا مركّبةً من نوع جمل العلاقة، ويستعملون جملًا وصفيّةً من نوع جمَل المقارنة والشّرط”.
“يستجيبون للانفعالات المختلفة في النصّوص المسموعة، ويبادرون للحديث مع رفاقهم والبالغين عن تجاربهم وأفكارهم وبرامجهم”.
“يُنتجون قصصًا من سلسلة صوَرٍ ويصفون أحداثًا مختلفةً مع استعمال صلة السّبب والنتيجة، التوسّعات الوصفيّة، والتعبير عن موقف”.
نتعرّف على المفردات ومعانيها، مثلًا: ماذا تعني “النجدة”؟ متى نستعملها؟ مواقف مناسبة/ بمن نستنجد؟
نتحدّث عن المشاعر المختلفة، وعن تأثيرها على ملامحنا. ماذا أفعل حين أشعر بشيءٍ ما؟ (مثلًا عندما أشعر بالفرح أبتسم/ أضحك)
نختار حركاتٍ ملائمةً للتعبير عن شعورٍ ما ونضيفها إلى الكلمة المحتفى بها (مثلًا: أبتسم/ أضحك/ أقهقه- شعور الفرح، أبكي/ أكشّر/ شعور الحزن إلخ).
هيّا نتحدّث:
نتحدّث عن الشّعور بالخوف والشّعور بالأمان: أمور تخيفني أو تمنحني الطمأنينة. موقف في البستان يشعرني بالأمان.
نتحدّث عن طرق تعبيرنا عن المشاعر المختلفة، وعن تأثيرها على تعابير الوجه والجسد.
نتحدّث عن تجارب شعرنا فيها بالخوف/ القلق/ الحزن/ الفرح. ونشارك زملاءنا بها.
نتحدّث عن مشاعر مزعجة، وما يمكن أن نفعل للتخفيف منها. لمن نلجأ طلبًا للمساعدة؟
نستذكر قصصًا من الرّوضة تحدّثت عن المشاعر، مثلًا: القط ظريف، ونقارن بين الشخصيات وتجاربها.
الكفايات اللغويّة:
نصِف شكلَ الأرنب في الحالات المختلفة. نقلّد تعابيرَه الحركيّة: نقفز، نرتجف، نهتزّ، ماذا أيضًا؟ نستمع لاقتراحات الأطفال ونقلّدها.
للتجسير بين المحكية والمعيارية نختار قالبًا لغويًّا ونعبّر عن تجاربنا وفقَه. مثلًا:
“عندما أشعر بالخوف أفعل كذا/ عندما أشعر بالفرح/ عندما أشعر بالحزن. نعبّر بأجسادنا عن المفردات.
لعبة “صندوق المشاعر”: نحضّر صندوقًا فيه بطاقات صوَرٍ لتعابير وجوهٍ متنوّعة، يسحب الطفل بطاقةً ويقلّد تعابيرَها، ويحاول بقيّة الأطفال تسمية الشعور الذي عبّر عنه. يفضَّل أن ترافق المربّية الطفل بوصفٍ كلاميٍّ يتيح للأطفال متابعة التفاصيل. ثمّ نعرض البطاقة، ونسمّي لها وصفًا. تكتب المربية الكلمة ونضيفها إلى ركن الكلمات. يمكن تصوير الأطفال بتعابيرهم وإضافة الكلمات إلى الصور في الحاسوب، وجمع بطاقاتٍ منها.
الوعي الصّرفيّ:
نربط بين السبب والنتيجة: “أنا أخاف من الليل/ الليل يُخيفني”/ “أنا أفرح من حضن أمي/ حضن أمي يُفرحني/ أخاف بسبب/ لأنّ… قد نستعمل الصور ونطلب من الأطفال وصفَ الشخصية وسبب شعورها.
نصرف الكلمات ونبحث عن مفرداتٍ ملائمة: أشعر بالخوف- أنا خائف/ أشعر بالفرح- أنا فرحان.
بدايات القراءة:
نُنتج قصصًا من سلسلة صورٍ لتعابير أو ملامح. يصف الطفل الصور ويربط بينها بأحداثٍ. توثق المربية ما يقول. نجمع قصصنا في كتيّبٍ نضيفه إلى ركن المكتبة، أو نجمعها في قصّةٍ محوسبةٍ بمتناول يد الأطفال,
ماذا أيضًا:
نستثمر لوحة “من حضر إلى البستان” لتوثيق مشاعر الأطفال في الصباح، ثمّ نتحدث عنها في اللقاء الصباحيّ. في حال وجود أطفالٍ يشعرون بالحزن، من الجدير تعزيز التعاطف وسماع اقتراحات الأطفال حول إمكانيات مساعدته.
إعداد: أنوار الأنوار- مرشدة قطريّة ومركّزة التربية اللغويّة في رياض الأطفال العربيّة