هايكوعربيفيكتاب"هداياصغيرة"
21/03/2021
نورة صالحتعطينا الحياة هدايا كثيرة، مهمّة جدًّا وثمينة، لكننا ننساها أحيانًا ونحن نتوقّع وصول هدايا ماديّة أخرى، وهذا ما يحاول كتاب "هدايا صغيرة" أن يوصله للأطفال. يبدأ الكتاب من الغلاف بعرض هدايا مغلّفة بأحجام متنوّعة وبألوان مختلفة، مما قد يوحي للطّفل بأنّه سيقابل في الكتاب أعظم وأحلى وأكبر تشكيلة ممكنة من الألعاب والهدايا الماديّة التي لا تخطر على البال، لكنّه مع كلّ صفحة ينكشف على نوع جديد من الهدايا غير المتوقعّة، هدايا معنويّة يصادفها في حياته اليوميّة تضفي فرحًا كثيفًا على مزاجه كنمو وردةٍ كان يداوم على سقايتها، إنجاب قطّته لجراء صغيرة، لعبة بسيطة ابتكرها مع والده، أو نجاحه في ربط الحذاء لأوّل مرّة. يفتح الكتاب فرصة للطفّل لإدراك أهميّة هذه العطايا والتمتّع بها.
استخدمت الكاتبة شهربان معدّي تقنيّة شعر الهايكو في الكتاب. والهايكو هو نوع من الشّعر الياباني الّذي يتميّز بألفاظه القصيرة والبسيطة للتّعبير عن مشاعر عميقة. يخلو الكتاب من الحبكة فلا نجد هناك أي تغيير يحدث على الطّفلة رفيف، الشّخصيّة المركزيّة، وليس هناك أيّ صراع أو تحدٍّ أو مشكلة تواجهها، ولكنّ الأبيات كلّها تشترك في المعنى وفي الهدف، وهو استعراض الهدايا المعنويّة المجانيّة التي تمنحها لنا الحياة والطّبيعة، وهي ما ندرجها في حياتنا اليوميّة تحت كلمة: النِعَم.
يقتضي شعر الهايكو طرح فكرة واحدة في كل بيت، أي في كلّ صفحة من الكتاب، وبالتّالي تأخذنا كلّ فكرة عميقة إلى التّفكّر والتأمّل فيها، وإلى تذكّر مواقف مشابهة مررنا بها نحن. الكتاب ككلّ يعتني بإظهار شعور السّعادة الذي يخيّم على الشّخصيّة طيلة مسار القصّة.
لا شكّ أنّ الرّسومات في هذا الكتاب تلعب دورًا مساندًا في خدمة الفكرة من ورائه. إذ تساهم تقنيّة الكولاج التي استخدمتها الرّسامة فاتن جرّوس جريس، في إضفاء البهجة على الكتاب. كما تساهم في توصيل فكرة أنّ هذه العطايا ليست ثمينة فقط بل جميلة جدًّا أيضًا، وتمنح رفيف قدرة عالية على الفرح. فالألوان صاخبة وبارزة، غزل البنات يبدو حقيقيًّا وقابلًا للّمس، وشال الجدّة نكاد نشمّ منه رائحتها، العصافير والأشجار والورود تبدو كلّها أقرب إلى الحقيقة. كما يساعد اختيار الكاتبة لفصل الرّبيع في تجسيد فكرة التّجدّد والانطلاق والاقبال على الحياة بتفاؤل، ممّا يساند موضوع القصّة ورسوماتها.