"الإنسانهوالإنسان،والمشتركبينالبشريفوقالمختلف"
09/02/2020
مقابلة مع مترجمة كتاب "الغيلم الذي أراد أن يتسلّق جبل إيفرست" سوسن كردوش قسيس:أجرت المقابلة: نورة صالح
في البداية عرّفينا بنفسك.
- وُلدتُ وتعلّمت في الناصرة. درستُ "تاريخ الفنون" و"الأدب الإنجليزي" في الجامعة العبريّة (القدس)، ثم درست "الأدب العربي" في جامعة حيفا. عملتُ معلّمة لغة إنجليزية في الناصرة وحيفا ونتسيريت عليت. أسكن الدنمارك منذ حوالي ثلاثة عقود.
أنت مترجمة عن الدنماركيّة لأدب الكبار، وكان "الغيلم" هو أوّل كتاب للأطفال تترجمينه. ما هي الاختلافات التي لاحظتها من خلال ترجمتك لكلا الأدبين.
- الاختلاف الأساسي هو في تقريب لغة النص للطفل العربي، ففي الدنماركية نلاحظ اقتراب لغة الطفل من لغة البالغين بسبب عدم وجود عاميّة وفصحى، والاختلاف الآخر هو الحاجة إلى تغيير اسماء الشخصيات بسب صعوبة اللفظ، (في "الغيلم..." مثلاً استبدلت اسم سيبستيان بـ "مهران"، فهي قريبة وتُلمِّح إلى مهارة) بينما أحرص في كتب الكبار على الالتزام بذكر الأسماء بدقة. الحقيقة أني خضت تجربة ترجمة نصوص للأطفال من قبل، وفُرضت عليّ قيود منعتني من ذكر تفاصيل اعتبرها الناشر غير لائقة، فقررت ألا أكرر التجربة تحت هكذا ضغوط، وأن أعمل بشفافية وحرية تتماشى مع روح النصّ الأصلي كما مع قناعاتي.
عند نقل كتاب ما إلى اللغة العربيّة، أين تقع الحدود بين التعريب وبين الترجمة الحرفيّة في العمل؟
- أعتقد أن الفرق شاسع بين الترجمة الحرفية والتعريب، فالأولى قد تنقل مفردات النص لكنها لا تنقل أبعاده وروحه إلى القارئ. كلما ازداد فهم المترجِم للنص والتفاصيل الكامنة خلفه، كلما تقلّصت الفجوة بين النّصّ الأصلي والنّصّ المترجَم، وهنا تظهر جديّة المترجِم ومهاراته ومعارفه المكتسبة في اللغتين كما في الثقافتَين، فيكون وسيطًا صادقًا، يُعرّب النص دون المساس بالأصل.
كيف تختارين الكتب التي تترجمينها؟
- المكتبة الدنماركيّة غنيّة جدًّا والخيارات صعبة، لكنّي أميل إلى الكتب التي تعكس حال المجتمع الدنماركي وتصلح كنموذج يتعدّى الإقليمية، وبالتالي يمكن اعتبارها كتبًا تطرح مواضيع وتجارب إنسانية يمكننا الاستفادة منها.
ما هي التّحدّيات الّتي تواجه المترجم عادة، ومترجم أدب الأطفال خاصّة؟
- حريّة التعبير. هذا هو التحدّي الأول والأصعب، فالمواضيع التي يطرحها الأدب الدنماركي تمتاز بالحرية والشفافية والجرأة. ينطبق هذا أيضاً على أدب الأطفال، حيث يتطرق الكتّاب إلى مختلف المواضيع بانتباه وجدّة ومسؤولية، لكن دون خوف، ومن منطلق توسيع آفاق الطفل وتحميله مسؤولية الحرية التي يعيشها ذلك المجتمع.
كيف تراهنين على نجاح كتاب للأطفال في بيئة وثقافة وأفكار مختلفة عن بيئة وثقافة وأفكار الكتاب الأصلي؟
- انطلق من قناعة أن الإنسان هو الإنسان، وأن المشترك بين البشر يفوق المختلف، لكن الفرص المتاحة لأطفالنا محدودة. بالتالي، اختيار الكتاب مهم، وقد يكون هو الكفيل بتحقيق ذلك.
ما هي المواضيع الّتي يميل أدب الأطفال الدنماركي إلى التّعاطي معها؟
- أدب الأطفال عريق في الدنمارك، ومال في السابق إلى الخيال والحكاية التعليمية (حكايات أندرسن مثلًا)، لكنّه قفز قفزة هائلة في الخمسين سنة الأخيرة، وبات يتناول كل شأن من شؤون الحياة، من أسرار الكون والطبيعة (المحيطات والكواكب والمجرّات وعالم الحيوانات والحشرات) وأمور الجسد (من حمل أو مرض أو موت)، إلى الأمور الأسرية والاجتماعية (كالطلاق والانفصال والزواج ومشاكل كفقدان الوالدين عملهما وعلاقة الطفل بأفراد الأسرة) أو ظواهر يختبرها الأطفال ويميلون للتكتّم عليها (كالمعاناة من الوحدة أو التعرّض للعنف أو التنمّر أو الغيرة). في الفترة الأخيرة نجد أن البيئة والحفاظ عليها تشغل حيّزًا في أدب الأطفال، وكذلك التنوّع العرقي والتنبّه للظروف المختلفة التي يعيشها أطفال العالم.
هل تعملين حاليًّا على مشاريع ترجمة كتب أطفال أخرى للعربيّة؟
- نعم، لدي مشروع في البال، وأتمنى أن أتمكّن من تحقيقه، كما أتمنّى أن يكون اختياري صائبًا ويعود بالفائدة على الطّفل العربي.