ساعيالبريدالوحيد
15/10/2023
جميعنا، أبناء العالم، عشنا أزمة الكورونا، بكل ما حملته لنا من مشاعر مختلطة. أزمة أجلستنا، مرغمين، في بيوتنا ليس معنا سوى أنفسنا وبعضنا.أيام فصلتنا عن حياتنا العصريّة بكل مركباتها الروتينيّة. عن فوضى الحياة التي وضعت ال“أنا“ في مركز حياتنا العصريّة.
أنظر الى عمق ”الكورونا“ لأراها لغة الأرض الساخطة على روتين الأنا.
تشبيه قد لا يتفق معه الكثيرون، عندما أري ”ساعي البريد الوحيد“ واصراره على الآخرين.
رسائل ساعي البريد ما هي الّا محاولات وحيدة وقليلة تقرّب ما نعيشه من حالات ابتعاد. محاولات لخلق العلاقات.
هو وسيط يحاول تجميع النفوس.
رسالة هامّة في قصّة أطفال. رسالة الى العالم. رسالة تجعلنا نستذكر فترتنا السابقة لنفهم بأنّ ”الهام“ هو الأهم. الآخر. شركاء الحياة.
ربما في فترتنا التي تتلو ”الكورونا“ تكون قصتنا رسالة ودعوة لتوثيق العلاقات، لتقريب ما ابتعد، ولإصلاح ما عطب.
في العديد من العلاقات بين الأطفال نجدنا مضطرين آن نأخذ دور الوسيط. شخص يهتم بأن يكون جسرا بين طرفين. يترجم ويحاول. وسيط يأخذ على عاتقه وظيفة خلق قناة تواصل نخلق من خلالها ال ”معا“.
دور الوسيط يذكرنا بدور المربّيات مع الأطفال ودور الأهل مع الأبناء. دور هام ومتعب في بعض الأحيان لكنّه الصمغ الوحيد والجسر الضروري. فنحن في النهاية لسنا سوى مخلوقات اجتماعيّة ولدنا لنعيش معا.
من خلال رسالة ساعي البريد لنا يبرز الآتي:
- العلاقات هي الأهم في الحياة وعلينا الاهتمام بها.
- العلاقات لا تبنى دون قنوات تواصل تجسّدت في رسائل ساعي البريد.
- في العديد من الأحيان نحتاج الى وسيط يكون جسرا نلتقي عليه لنتواصل.
- الوساطة هامّة تحمل معها مجهود لهدف أسمى.
- ”ساعي البريد“ هو ذلك الشخص الذي يحوّل نفسه الى ”صمغ“ لا نعيش بدونه.
بعد الأزمات المشتركة التي عشناها معا، وبعد ”رسائل ساعي البريد الوحيد“ دعونا نتأمل حياتنا الروتينيّة ولنفكّر معا كيف بإمكان كل فرد أن يأخذ على عاتقه جزءا صغيرا من ما قام به ساعي البريد الوحيد لكي لا يبقى وحيدا ولكي نتمتع معا برسائلنا.
بقلم الاختصاصية النفسيّة العلاجيّة رنا منصور عودة