رسالةعنحيويّةالوساطةلخلقالتّواصل
29/05/2020
في أعقاب قصّة "ساعي البريد الوحيد"لعلّ هناك بعض الأمل في أزمة الكورونا التي فرضت علينا الانزواء في بيوتنا، مع أنفسنا وأفراد العائلة المصغّرة، بعيدين عن الأقارب والأصحاب وحتى الجيران. فقد كان علينا جميعًا أن نعيش تجربة التوقّف عن الحياة الرّوتينيّة السّريعة التي تجعلنا متمركزين في ذواتنا، ونختبر مدى حاجتنا للآخرين وللتّواصل معهم.
إذا نظرنا من هذا المنظور إلى ساعي البريد في قصّة "ساعي البريد الوحيد" التي وزّعتها مكتبة الفانوس على تلاميذ الصّفوف الثّانية (عام 2020)، نرى نموذجًا يستأهل أن يُحتذى به. فساعي البريد يقوم ليليًّا من ذات نفسه بكتابة رسائل يوقّعها بأسماء سكّان الغابة، ثم يقوم في اليوم التّالي بتوزيعها عليهم، خالقًا بذلك تواصلًا وعلاقات صداقة وودّ بينهم.
رسائل ساعي البريد هي محاولة للتّخفيف من الوحدة والتّباعد بين الأفراد. ساعينا هو وسيط يحاول تجميع النّفوس، وفي هذا رسالة هامّة ليس فقط للأطفال الذين يقرأون القصّة بل هي رسالة كونيّة، تجعلنا نستذكر فترتنا السّابقة وتدعونا لتوثيق العلاقات فيما بيننا، وتقريب ما ابتعد، وإصلاح ما عطب.
موضوع الوساطة في العلاقات بين الأطفال أمر ضروري. ونحن ككبار، سواء كمربّين أو أهل، نجد أنفسنا في أحيان كثيرة نقوم بدور الوسيط، وهو شرط أساسي في عمليّة التّربيّة وإكساب الأطفال المهارات الاجتماعيّة الضّرورية لبناء علاقاتهم والانطلاق من دائرة التّمركز حول الذّات.
لا شكّ أن هذا الدّور المنوط بنا صعب بل ومُتعب أحيانًا كثيرة، ولكنّه هامّ لأنّه الصّمغ الوحيد والجسر الضروري، فنحن في النهاية لسنا سوى كائنات اجتماعيّة ولدنا لنعيش معًا.
رسالة ساعي البريد لنا:
- العلاقات هي الشّيء الأهمّ وعلينا الاهتمام بها.
- العلاقات لا تُبنى دون قنوات تواصل.
- كثيرًا ما نحتاج إلى وسيط ليكون جسرًا لبناء التّواصل.
- الوساطة هي الصّمغ الضّروري لتحويل الأفراد إلى مجتمع.
- الوساطة تتطلّب مجهودًا جديرًا بأن نبذله.
بعد أزمة الكورونا، وبعد أن قرأنا معًا قصّة "ساعي البريد الوحيد"، تعالوا نتأمّل روتين حياتنا ونفكّر في الدّور الذي يمكن لكلّ فرد فينا أن يأخذه على عاتقه، كي نخفّف من الوحدة ونجعل من مجتمعنا مكانًا أفضل.
بقلم الاختصاصيّة النفسيّة العلاجيّة، رنا منصور عودة