تأجيلالرغبات
30/03/2017
بين "الآن الآن!" و "بعد قليل"نظرة قريبة إلى قدرة الأطفال على تأجيل رغباتهم
رنا منصور عودة
منذ الولادة تلتقي رغباتنا مع العالم الخارجي، وهناك تختلف الإجابات عن سؤال أساسي حول تلبية الرغبات أم تأجيلها.
بين تلبية الرغبات وتأجيلها، طريق تحمل معها مراحل تطورية عديدة وأساسية. لننظر أولا إلى تأثير هذين الطرفين على تطور شخصيّة الطفل:
١. تلبية الرغبات: في المراحل الأولى من حياة الطفل، تكون لغة التواصل معه عبر قناة الاحتياجات وتلبيتها. فمنذ أيّامه الأولى، يتواصل الطفل معنا من خلال تلبية احتياجاته مثل الطعام والشراب، التهدئة عند الخوف، التدفئة عند البرد وغيرها.
في هذه المرحلة الأوّليّة من الهام جدًا تلبية احتباجات الطفل كخطوة أولى لبناء ثقته بالبيئة المحيطة به؛ فتأجيل الرغبات لفترات طويلة قد تؤثر سلبا على الطفل، وهذا ما دلّت عليه العديد من الأبحاث على أطفال الملاجئ. تلبية الرغبات الأولى تخلق لدى الطفل شعورّا بالسيطرة على حياته وبيئته، وهذا الشعور هام في بناء ثقة الطفل بنفسه وبقدراته. لكن، اذا استمرت تلبية الرغبات بشكل دائم يتحوّل الطفل إلى شخص غير قادر على تحمّل الرفض، والتعامل بنجاح مع المواقف الاجتماعيّة التي سبعايشها في المستقبل.
٢. مع تطوّر الطفل نتوقّع منه تحمّل الرفض والبدء بتأجيل رغباته. فبإمكاننا تخيل الطفل قادرا على انتظار الطعام ريثما يجهز،ّ أو تحمل مشهد لعب أحد الأطفال بلعبة يرغبها.
هذه القدرة تتطوّر عند الطفل نتيجة للعلاقة المتنامية مع بيئته المحيطة، بالإضافة إلى مزاجه الخاصّ الذي يولد به.
نرى الاختلاف في المزاج بين الأطفال منذ لحظة ولادتهم فمنهم من يكون مزاجه سهلًا، وقادرًا على التحمّل والتأجيل، أكثر من طفل آخر نراه منذ اللحظة الأولى غير قادر على الانتظار.
كيف نطوّر قدرة الطفل على تأجيل رغباته؟
نستطيع رويدا رويدا تزويد الطفل بآليات للتعامل مع شعور الإحباط الناتج عن عدم تلبية الرغبة. قد تختلف هذه الآليات وتتنوّع، فمنها:
- إلهاء الطّفل من خلال اقتراح فعاليات بديلة له.
- الحديث عن المشاعر والتعبير عنها، ليتمكّن الطفل مستقبلا من فهم مشاعره، واستعادة تجاربه مع والديه في مثل هذه الحالات.
- توفير بيئة تدعم الطفل نفسيا بشكل عام، لها دور كبير في تطور قدرة التأجيل عند الأطفال، وتحمّل الشّعور بالإحباط.
- تدعيم سلوكيّات الطّفل المعبّرة عن تأجيل رغباته، والحديث عنها بشكل إيجابي لتشجيعه على تكرارها.